سورة سبأ، فاطر، يس، الصّافّات، ص، الزّمر، غافر، الحواميم: فصّلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف

سورة  سبأ


هدف السورة: الإستسلام لله سبيل بقاء الحضارات
هذه السورة مكيّة وقد ضربت مثالين مهميّن لنماذج حضارات راقية: قصة سيدنا داوود وسليمان وقصة سبأ.
أما قصة سيدنا داوود وسليمان فكانت نموذجاً لحضارة قوية راقية استقرّت وانتشرت لأنها كانت مستسلمة لله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) آية 10 وفي استخدام القرآن لكلمة (أوّبي) دلالة على منتهى الإستسلام، وقد سخر الله تعالى لسليمان الريح وعين القطر والجن لمّا استسلم لله تعالى.
ويأتي النموذج العكسي لقصة سليمان وداوود في قصة سبأ (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) آية 15 إلى 17. هذه الحضارة العريقة لأنها لم تستسلم لله تعالى ولم تعبده كان مصيرها الزوال.
وتسمية السورة بـ (سبأ) هو رمز لأي حضارة لا تستسلم لله تعالى لأن الإستسلام لله هو سبيل بقاء الحضارات أما الحضارات البعيدة عن الله لن تستمر في الكون مهما ارتقت وعظمت تماماً مثل مملكة سبأ. ففي كل عصر يمكننا أن نضع اسماً مكان سبأ ينطبق عليهم قول الله تعالى فيهم فلكل عصر سبأ خاص.
---------------------------------------------------------------------------------------------


سورة  فاطر


هدف السورة: الإستسلام هو سبيل العزّة
سورة فاطر مكيّة نزلت قبل هجرة الرسول . الإستسلام هو كمال الطاعة والإستسلام ليس مذلة وأنما هو عزّ فالعبودية للبشر ذلُ وصغار والعبودية لله تعالى رفعة وعزّ، فالعزّة تبدأ بالإستسلام لله تعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) آية 10، والناس مهما كانوا وتعاظموا هم الفقراء والله تعالى هو الغني (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) آية 15.
ثم تتحدث آيات كثيرة في السورة (الآيات 1، 2، 3، 9، 11، 12، 13، 27، 28، 41، 44) عن آيات الله تعالى في الكون ودلائل القدرة والسيطرة على هذا الكون الفسيح وكأنما في هذا تأكيد أن الإستسلام لخالق هذا الكون وما فيه ومن فيه لا يمكن أن يكون ذلاً أبداً إنما هو عزُ ما بعده عز أن أستسلم وأخضع لمن خلق السموات والأرض وخلق الأكوان والخلق والكائنات على اختلافها وكل هذه المخلوقات تشهد بعظمة الخالق وتنطق بعظمة الواحد القهّار فتبارك الخالق رب العالمين. وأن كان أحدنا يستسلم لرأي طبيبه ويرى أنه هو الصواب وعليه أن ينفّذ التعليمات كما وصفها وهو بشر لا يملك أن يضر او ينفع إلا بإذن الله ولا أسأله ما الحكمة من وراء هذا العلاج بالذات أخضع لأمره دون مناقشة ثم أعترض على خالق الخلق بأن لا أستسلم بالكلّية لأوامره وهو القدير الحكيم العليم؟ يا لجهالة البشر بخالقهم وصدق تعالى (وما قدروا الله حق قدره)
سميّت السورة بـ (فاطر) لذكر هذا الإسم الجليل في طليعتها لما يحمل هذا الوصف من دلائل الإبداع والإيجاد من عدم ولما فيه من التصوير الدقيق الذي يشير لعظمة الله وقدرته الباهرة وخلقه المبدع في هذا الكون.
---------------------------------------------------------------------------------------------


سورة  يس


هدف السورة: الإستسلام هو سبيل الإصرار على الدعوة
سورة يس مكّية نزلت قبل هجرة الرسول  إلى المدينة وهي تركّز على أهمية الإستمرار في الدعوة لأن الناس مهما كانوا بعيدين عن الحق فقد تكون قلوبهم حيّة وقد تستجيب للدعوة في وقت ما وعلينا أن لا نفقد الأمل من دعوتهم (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) آية 11. وتتحدث السورة عن الذين لم يؤمنوا (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) آية 10. ثم تعرض نموذج لقرية (إنطاكية) أرسل الله لهم ثلاثة أنبياء ليدعوهم فكذبوهم لكن ارسال هؤلاء الأنبياء لم يمنع رجل مؤمن أن يأتي من أقصى المدينة ويبذل الجهد لينصح القوم (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) آية 20 وهذا دليل إيجابية من هذا الرجل أنه لم يترك أمر الدعوة للرسل فقط وإنما أخذ المبادرة بأن يدعو قومه عندما لم يصدقوا الرسل. قد يكون هناك أناس قد فقد الأمل من دعوتهم لكن علينا أن نتصور أنه ما زال لديهم قلوب حيّة قد تؤمن فمن آمن فاز ونجا أما الذين يصرّون ويرفضون الإستسلام لله فلكل شيء نهاية وجاءت نهاية السورة تتحدث عن الموت والنهاية فكلنا إلى موت وكل شيء له نهاية في هذا الكون، ولذا جاءت الآيات الكونية في السورة تخدم هدف السورة (وَالش) آية 38 و39، فالشمس تسير إلى زوال وكذلك القمر والكون كله مآله إلى نهاية، وهذا دليل إعجاز القرآن باختيار الآيات الكونية التي تخدم هدف السورة بشكل واضح جليّ فسبحان من أنزل الكتاب وخلق الأكوان.
وربما يكون في هذا المعنى من دعوة القلوب الحيّة ربطاً بحديث الرسول  (اقرأوا يس على موتاكم) لأن الميّت عندما تخرج روحه يبقى قلبه حيّاً وربما عندما يسمع الآيات يستسلم قلبه لها هذا والله أعلم.
فضل سورة يس: قال رسول الله  : " إن لكل شيء قلباً وقلب القرآن يس، وددت لو أنها في قلب كل إنسان من أمتي"
----------------------------------------------------------------------------------------------


سورة  الصّافّات


هدف السورة: الإستسلام لله وإن لم تفهم الأمر
سورة الصافات مكّية ابتدأت بالحديث عن الملائكة الأبرارواستعرضت السورة مجموعة من الأنبياء استسلموا لأمر الله من غير أن يعرفوا الحكمة من ذلك الأمر وأفضل مثال على ذلك قصة ابراهيم عليه السلام (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ  * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ  * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ  ) آية 99 إلى 103 ، الذي وهبه الله تعالى الولد الحليم (اسماعيل) بعدما كبر سنّه وفقد الأمل من الإنجاب وفرح به ابراهيم فرحاً شديداً ثم جاءه في المنام أمر بذبح هذا الولد بيده ولم يكن وحياً في اليقظة لكنه استسلم لأمر ربه وقال لابنه ماذا رأى وكأنما أراد أن يشاركه ابنه هذا الإستسلام لله حتى ينال الجزاء معه فما كان من اسماعيل إلا أن كان أكثر استسلاما وقال لأبيه افعل ما تؤمر ولم ينته الأمر هنا بل أن ابراهيم باشر بالتنفيذ فعلاً (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) آية 103 عندها تحقق من ابراهيم واسماعيل الإستسلام التام لله فجاء وحي الله بأن فدى اسماعيل بذبح عظيم. أطاع الله واستسلم له  وهكذا نحن علينا بعد أن عرفنا منهج الله في عشرين جزء مضى من القرآن علينا أن نستسلم لله كما استسلم ابراهيم لربه عزّ وجلّ وهذه قمة العبودية والخضوع لله.
وفي السورة توجيه هام في الآيات التي تتحدث عن يوم القيامة وهو أنه على الناس أن يستسلموا في الدنيا استسلام عبادة بدل أن يستسلوا في الآخرة استسلام ذل ومهانة.
سميّت السورة بـ (الصافات) تذكيراً للعباد بالملأ الأعلى من الملائكة الأطهار الذين يصطفّون لعبادة الله خاضعين مستسلمين له يصلّون ويسبحون ولا ينفكّون عن عبادة الله تعالى.
----------------------------------------------------------------------------------------------



هدف السورة: الإستسلام في العودة إلى الحق
سورة ص سورة مكّية ابتدأت بالقسم بالقرآن المعجز المشتمل على المواعظ البليغة التي تشهد أنه حق وأن محمد حق.
والسورة تعرض جواباً على سؤال هام: ماذا يحدث عندما يحصل خطأ ما مع انسان مؤمن مع استسلامه لله تعالى؟ السورة تتحدث عن ثلاثة أنبياء استسلموا لله تعالى بعما أخذوا قرارات ظنّوها بعيدة عن الحق ثم عادوا إلى الحق وكيف ردّ الله تعالى عليهم، ثم تحدثت عن نموذج عكسي وهو ابليس الذي عاند ورفض ان يستسلم بعدما عرف الحق.
قصة داوود: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) آية 17
عودته للحق: (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) آية 24
قصة سليمان: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) آية 30
عودته للحق: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ) آية 34
قصة أيوب (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) آية 41
عودته للحق: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) آية 44
في هذه القصص الثلاث يعطي الله تعالى لكل نبي صفة (عبدنا، العبد) وكلمة أوّاب معناها سريع العودة وذا الأيد معناها كثير الخير. ونلاحظ تكرار كلمة (أناب) رمز العودة إلى الحق.
هذه القصص الثلاث نأخذ منها عبرة أن المستسلم لله يكون سهل الهودة إلى الله وإلى الحق.
تختم السورة بنموذج عكسي للعودة إلى الحق وهو نموذج ابليس اللعين وعناده (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ *قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) آية 73 إلى 76.
فلنقارن بين هذه النماذج التي تعود إلى الحق لأنها استسلمت لله والنموذج الذي لم يستسلم لله وعاند فكانت نتيجة عدم استسلامه غضب شديد من الله تعالى ولعنة منه وطرد من رحمة الله وعذاب في الآخرة أشد (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) آية 77 إلى 78.
خلاصة القول إن الإستسلام لله تبارك وتعالى عزّنا وسبب بقائنا واستمرارنا في الأرض ولهذا سمى الله تعالى هذا الدين (الإسلام).
---------------------------------------------------------------------------------------------


سورة   الزّمر

هدف السورة:  الإخلاص لله تعالى
هذه السورة مكّية وتدور حول محور الإخلاص لله تعالى في كل الأمور وتبدأ بدعوة الرسول الكريم  باخلاص الدين له وتنزيهه عن مشابهة المخلوقين. كما ذكرت الآيات البراهين على وحدانية الله في ابداعه في الخلق. وشددت على أهمية الإخلاص لله حتى يوصلنا هذا الإخلاص للجنة مع زمرة المؤمنين. وهي سورة رقيقة تذكرنا بأهمية الإخلاص لله تعالى وترك الرياء. والإخلاص يكون في عدة أمور: إخلاص العبادة لله وإخلاص النيّة والإخلاص في كل أمور الدنيا والحرص على أن يكون كل ما نعمله في هذا الدنيا خالصاً لله رب العالمين حتى ننال خير الجزاء ونسعد بالجنة ونعيمها. وقد وردت كلمة الإخلاص ومشتقاتها في هذه السورة  4 مرّات للدلالة على أهميته.
تبدأ السورة (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) آية 2 و3 بالدعوة لإخلاص العبادة لله وأن الدين لله وحده. وكما جاء سابقاً في القرآن (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين) سورة النحل، آية 66، من بين الفرث والدم يخرج لنا اللبن الخالص من الشوائب النقي، كذلك العبادة لله يجب أن تكون خالصة لله مهما أحاطها من زيف الدنيا. و(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ) الآيات من 11 إلى 14 كلها تدعو لإخلاص الدين لله .
ثم تنتقل الآيات لبيان من أولى بالإخلاص له: الله تعالى ام غيره؟ (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) آية 29 فالحمد لله أنه إله واحد لا شريك له إياه نعبد مخلصين له الدين.
إخلاص العبادة: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) آية 9
إخلاص التوبة: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) آية 53 و54، استخدام كلمة (أنيبوا) للدلالة على سرعة العودة لله. وذكر الصحابة رضوان الله عليهم أن هذه الآية هي من أرجى آيات القرآن الكريم لما فيها من سعة رحمة الله ومغفرته لذنوب عباده ودعوتهم لحسن الظنّ به وبعفوه عنهم مهما تعاظمت ذنوبهم فهي لا شيء أمام سعة رحمة الله تعالى فله الحمد وله الشكر.
تحذير من الإشراك بالله: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ) 64 إلى 66.
عظمة الله في الخلق تدفعنا للإخلاص له (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) آية 67. وهذه أساس عدم الإخلاص لأنه لو علم العبد قدر الله تعالى لما أشرك معه أحدا من مخلوقاته.
وصف المخلصين في يوم القيامة ومقارنتهم بالكفار. الكلّ يساق زمراً الكفار يساقون الى النّار: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) آية 71، والمخلصون يساقون إلى الجنة زمراً (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) آية 73 لأن الله تعالى يأبى أن يدخل المؤمن وحيداً إلى الجنة وإنما يدخل قي صحبته الصالحة في الدنيا وكأن هذا الجمع والدخول الجماعي هو ثمرة الإخلاص في الدنيا فالصحبة الصالحة أساسية في الدنيا لأنها تعين على إخلاص العبادة لله وفي الآخرة تدخل أفرادها زمراً لجنة الخلد. فكلّ زمرة تحابوا في الله في الدنيا يدخلون الجنّة سوياً إن شاء الله.
ومن اللمسات البيانية في هذه السورة الفرق بين وصف دخول الكفار إلى النار ودخول المؤمنين إلى الجنة والفرق بينهما حرف واحد غيّر معنى الآيتين وهو حرف (الواو). في وصف دخول الكفار قال تعالى (حتى إذا جاؤوهافتحت أبوابها) وفي دخول المؤمنين الجنة قال: (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) والفارق أن جهنم هي كالسجن أبوابها مقفلة لا تفتح إلا لداخل أو خارج فالأصل أن تكون الأبواب مغلقة ولا تفتح إلا لإدخال العصاة إليها وفي هذا الوصف تهويل ومفاجأة للكفار الذي يساقون ثم فجأة وهم لا يدرون أين يذهبون تفتح أبوب النار فيفاجأوا ويصابوا بالهلع. أما في حال المؤمنين فالجنة أبوابها مفتوحة على الدوام وأهلها يتنقلون فيها من مكان آخر في يسر وسرور وهم في طريقهم إليها يرونها من بعيد فيسعدون ويسرّون بالجزاء والنعيم الذي ينتظرهم وكأن الله تعالى يريد أن يعجّل لهم شعورهم بالرضا والسعادة بجزائهم وبالنعيم المقيم الذي ينتظرهم. ومن الناحية البيانية أن جواب الشرط في حال جهنم (إذا جاؤوها) الجواب هو: (فتحت أبوابها) أما في حال الجنة فلا يوجد جواب للشرط لأنه يضيق على المرء ذكر النعمة التي سيجدها في الجنة فكل ما يقال في اللغة يضيق بما في الجنة والجواب يكون في الجنة نفسها. فسبحانه جلّ جلاله (عن الدكتور فاضل السامرائي في برنامج لمسات بيانية).
وسميّت السورة بـ (الزمر) لأن الله تعالى ذكر فيها زمرة السعداء من أهل الجنة وزمرة الأشقياء من أهل النار وفي هذا دلالة على أهمية الصحبة في الدنيا فلنحسن صحبتنا في الدنيا عسى الله أن يحشرنا معهم زمراً إلى الجنة اللهم آمين.
---------------------------------------------------------------------------------------------


سورة   غافر

هدف السورة:  أهمية الدعوة   وتفويض الأمر لله
سورة غافر مكيّة وهي من أكثر سور القرآن الكريم التي فيها دعاء فقد ابتدأت بذكر صفتين من صفات رحمة الله ومغفرته (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ) آية 3 ثم أعقبت بدعوة الملائكة للمؤمنين (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) آية 7 وفيها دعوة الله تعالى عباده لدعائه وأعقب هذا الدعاء بالاستجابة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) آية 60 وفيها دعوة الله عباده بالدعاء له وهو يضمن لهم الإجابة فهو غافر الذنب وقابل التوب سبحانه.
والسورة تتحدث عن نماذج أناس دعوا إلى الله تعالى والأهم أنهم فوّضوا أمرهم لله لأن الداعي إلى الله قد يواجه بالأذى ممن يدعوهم ولهذا يحتاج إلى أن يفوض أمره إلى الله بعد أن يبذل كل ما بوسعه في سبيل الدعوة لله. ومن هذه النماذج نموذج موسى عليه السلام في دعوته لفرعون الطاغية الجبّار وقومه وقد جابه فرعون موسى حتى كاد أن يقتله فوّض موسى عليه السلام أمره إلى الله (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ * وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) آية 26 و27 وفي هذا الموقف الصعب يظهر من آل فرعون رجل يكتم إيمانه وهذه المرة الأولى التي يحدثنا القرآن عن قصة هذا المؤمن من آل فرعون مع أن قصة موسى عليه السلام تكررت كثيراً في القرآن لكن وجود هذه الجزئية من القصة هنا يخدم هدف السورة تماماً. وهذا الرجل المؤمن جادل فرعون وقومه بأساليب متعددة:
باستخدام المنطق (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) آية 28
 باستخدام العاطفة (يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) آية 29، ومن اللافت في هذه الدعوة أنه نسب الملك لهم أي لآل فرعون (لكم الملك) ولمّا تحدث عن العذاب شمل نفسه معهم (فمن ينصرنا من بأس الله) اظهاراً للمودة وحب الخير لقومه
باستخدام الحبّ والخوف عليهم والحرص على نجاتهم  (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِمِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ) آية 30 و 31
باستخدام التاريخ (وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) آية 34، التذكير بتاريخ من سبق وصنيعهم مع رسولهم للعبرة والإتعاظ.
ثم ذكّر بيوم القيامة وبلقاء الله تعالى لأنها من أهم الأسباب التي ترقق القلب(وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ) آية 32 ، كلمة (التناد) في وصف يوم القيامة ليظهر لنا صورة كيف ينادي الناس بعضهم البعض في هذا الحشر العظيم وفي هذا الموقف الهائل وحرصه على نجاتهم في هذا الموقف. (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) آية 33. ثم عاد إلى العقل (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) آية 41، ثم عاد للتفويض مرة ثانية بعد أن جادلهم بكل الوسائل الممكنة، فلمّا فوّض أمره إلى الله (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْوَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) آية 44 جاء الرد من الله تعالى (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ) آية  وكذلك مع موسى عليه السلام (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) آية 27
سميّت السورة بـ (غافر) لأن الله تعالى ذكر لنا هذا الوصف الجليل الذي هو من صفاته الحسنى (غافر الذنب وقابل التوب) وكرر ذكر المغفرة في السورة وفي دعوة الرجل المؤمن (وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفّار) وهذا كله لنعلم أن الله تعالى رحيم بالعباد وعليهم أن لا يقنطوا من رحمته لأن رحمته سبقت غضبه ورحمته وسعت كل شيء.
---------------------------------------------------------------------------------------------


الحواميم: فصّلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف

الهدف العام للسور: أنتم مسؤولون عن الرسالة: واجبات ومحاذير


سورة   فصّلت 

هذه السور الست يطلق عليها اسم الحواميم لآنها ابتدأت كلها بـ (حم) وقد قيل الكثير عن الأحرف المقطعة في القرآن الكريم ولعل من أبلغ ما قيل أن الله تعالى يتحدّى بهذه الحروف العرب أهل اللغة والشعر بأن هذه هي نفس الحروف التي تعرفونها وتنظمون الشعر البليغ منها وقد أنزل الله بها القرآن المعجز الذي عجزتم عن الإتيان بعشر سور أو سورة أو حتى آية واحدة منه. فمع أن الحروف متوفرة هي هي التي أنزل بها القرآن إلا أنكم لا يمكنكم أن تأتوا بمثله وكأن القرآن روح لذلك قال تعالى (وكذلك أوحينا لك روحاً من أمرنا) والحواميم تشترك في محاور كثيرة ولذا جاءت متتابعة الترتيب، ومن الملاحظ أن سورة البقرة وآل عمران والعنكبوت كلها ابتدأت بـ (ألم) وهي مشتركة فيما بينها بأن البقرة أعطت المنهج وكل آياتها فيها (ألم) وآل عمران أوصت بالثبات على المنهج وكل آياتها فيها (ألم) والعنكبوت ركّزت على المجاهدة من أجل تحقيق المنهج فكأنما هذه الأحرف المقطعة في أوائل السور هي بمثابة رمز (أو كود) لما يجمعهم.
وتشترك الحواميم في صفات كثيرة:
1.      كلها سور مكّية
2.      كلها افتتحت بقيمة القرآن: سورة فصّلت:( تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آية 2 ، سورة الشورى: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آية 3، سورة الزخرف: (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ) آية 2، سورة الدخان: (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ) آية 2، سورة الجاثية: (تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) آية 2، سورة الأحقاف: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) آية 2
3.      كلها ذكرت موسى عليه السلام ودوره في دعوة قومه من بني اسرائيل إلى الله: سورة فصّلت:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ) آية 45 ، سورة الشورى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) آية 13، سورة الزخرف: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) آية 46، سورة الدخان: (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) آية 18، سورة الجاثية: (مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) آية 10، سورة الأحقاف: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) آية 12
4.      كلها ركّزت على الوحدة وحذّرت من خطورة الفرقة. سورة فصّلت:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ) آية 45 ، سورة الشورى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) آية 10، سورة الزخرف: (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آية 63، سورة الجاثية: (وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) آية 17،
5.      كلها تحدثت عن انتقال الرسالة من بني اسرائيل إلى أمة محمد .: سورة الشورى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) آية 13، سورة الجاثية (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) آية 18، سورة الأحقاف (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) آية 12
6.      كلها ركّزت على أهمية الصفح والإمهال: سورة الشورى: (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) آية 23، سورة الزخرف: (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) آية 89، سورة الدخان: (فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ ) آية 59، سورة الجاثية: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ) آية 14، سورة الأحقاف: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) آية 35
الهدف الرئيسي الذي يجمع هذه السور الستة هو: أنتم يا أمة محمد مسؤولون عن الرسالة مسؤولية نهائية ولكن هناك واجبات ومحاذير، وهذا الهدف مختلف عن هدف سورة البقرة لأن في سورة البقرة كان الهدف عرض المنهج فقط بدون أية توصيات مفصّلة. أما في الحواميم فكل سورة من السورة تأتي لتعرض جانباً من التوصيات للمنهج وهي كلها عبارة عن تحذيرات وواجبات يجب أن يراعيها من سيتولى المسؤولية في الأرض على الرسالة وعلى المنهج الذي شرّعه الله تعالى للإستخلاف في الأرض.
سورة فصّلت: سميّت بهذا الإسم لأن الله تعالى فصّل بها الآيات ووضح فيها الدلائل على قدرته ووحدانيته وأقام البراهين القاطعة على وجوده وعظمته وخلقه لهذا الكون البديع الذي ينطق بجلال الله وعظيم سلطانه. وفيها وعد الله تعالى للبشرية بأن يطلعهم على بعض أسرار هذا الكون في آخر الزمان ليستدلوا على صدق ما أخبر عنه القرآن وهذا لا يتحقق إلا إذا تدبّروا وتفكروا في عظيم خلق الله تعالى في كونه بعد أن أرشدهم إلى آيات الخلق الباهرة في الكون الفسيح.
وبختام الحواميم ينتهي أسلوب الإمهال والترغيب والرقة والصفح الذي جاءت به السور الستة وبعدها تنتقل السور إلى سورة محمد التي هي سورة مواجهة شديدة بعد أن انتهت فترة الإمهال ثم تأتي بعدها سورة الفتح التي فيها تمت المواجهة بفتح مكة وتحطيم الشرك ورموزه.
خلاصة الحواميم: إياكم والكبر والفرقة والإنخداع بالمظاهر المادية واحرصوا على الشورى حتى تقودوا الأرض بما عليها وتطبقوا منهج الله تعالى كما أراده في كونه حتى تنعموا في الدنيا والآخرة.
--------------------------------------------------------------------------------------------

سورة   الشورى

هدف السورة:  أهمية الشورى والوحدة وخطورة الفرقة
فمثلاً سورة الشورى: تركّز سورة الشورى على واجب من واجبات المسؤولية عن المنهج ألا وهو أهمية الوحدة والحذّر من خطورة الفرقة. وأوضح أن الإختلاف وارد ومن طبيعة النفس البشرية ونتيجة اختلاف الناس وآرائهم لكنه تعالى يوضح ما هو واجب في حال الإختلاف ألا وهو التحكيم إلى الله تعالى وكتابه (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) آية 10، ففي الإختلاف يأمر الله تعالى بأن يرد الأمر لله أما في الفرقة فقد عاب على الأمم السابقة فرقتهم (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) آية 13. وحتى نتجنب ان تحصل أية فرقة يجب أن نأخذ ونطبق مبدأ الشورى  وهذا واجب يجب الحرص عليه ، والشورى تكون في كل أمر ابتداء من تعامل البشر في بيوتهم إلى قضايا الحكم وغيرها. والشورى هي أصل من أصول الإسلام العظيمة وسياج لحماية المنهج في كل أمور الحياة لأن الخلاف حاصل ومتوقع وطبيعي. وعلى هذا المبدأ ولأهميته في الإسلام سميّت السورة بـ (الشورى) فلمنهج الشورى الأثر العظيم في حياة الفرد والمجتمع مصداقاً لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) آية 38.
--------------------------------------------------------------------------------------------


سورة   الزخرف

هدف السورة:  تحذير من الإنخداع بالمظاهر المادية
سورة الزخرف: هي سورة المتعلقين بالمظاهر المادية. وفيها تحذير من الإنخداع بالمظاهر المادية. لأن الإنخداع بها واعتبارها وسيلة لتقييم الأمور فيه ضياع للأمة كما ضاعت الأمم السابقة (لاحظ تكرار ذكر الذهب والفضة وبريقها في الآيات) لأن الأمم السابقة انخدعت واعتبرت أن متاع الحياة الدنيا وزخرفها هو النعيم الحقيقي وغاب عنهم أن النعيم الحقيقي إنما هو نعيم الآخرة الذي لا ينتهي. (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) آية 71، فالزخرف الحقيقي ليس زخرف الدنيا الزائل.
وتتحدث السورة عن أن مظاهر التكذيب كانت مظاهر مادية (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) آية 31 في قصة ابراهيم، و(وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) آية 51 إلى 53 في قصة موسى مع فرعون. وآيات السورة تركّز على أن الشرف الحقيقي ليس المال والجاه والمظاهر المادية إنما هو الدين (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) آية 44، (الذكر هنا بمعنى الشرف) وتحدثت الآيات عن عيسى عليه السلام لأنه رمز الزهد وعدم الإنخداع بالمظاهر المادية (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آية 63 جاء بالحكمة بدل المظاهر المادية الزائلة.
السورة كلها تتحدث عن خطورة المظاهر المادية (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) آية 67 لأن سر اختيار الصحبة في الدنيا يتوقف على المظاهر المادية لكن التقوى والحكمة هما اللتان تبقيان في الآخرة فعلينا اختيار الصحبة في الدنيا على أسس صحيحة من التقوى والحكمة لا ننخدع بالمظاهر المادية الزائفة التي ليس لها وزن ولا قيمة في الآخرة.
وقد سميّت السورة بهذا الإسم لما فيها من تمثيل رائع لمتاع الدنيا الزائل بريقها الخادع بالزخرف اللامع الذي بنخدع به الكثيرون مع أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ولهذا فالدنيا يعطيها الله تعالى للأبرار والفجّار وينالها الأخيار والأشرار أما الآخرة فلا يمنحها إلا لعباده المتقين فالدنيا دار الفناء والآخرة دار البقاء.
---------------------------------------------------------------------------------------------


سورة   الدخان

هدف السورة:  تحذير من الإنخداع بالسلطة والتمكين
سورة الدخان: هذه السورة تركّز على مظهر آخر من المظاهر المادية ألا وهو مظهر التمكين والسلطة (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) آية 27 وعرضت السورة قصة فرعون وقومه وما حلّ بهم من العذاب بسبب الطغيان والإجرام وكيف تركوا كل آثارهم وقصورهم وحدائقهم بسبب ما حلّ بهم من ضياع وتشرد بسبب طغيانهم في الأرض وعصيانهم لأوامر الله بعد أن مكّنهم الله في الأرض فلم يحافظوا على الأمانة واستكبروا بما أعطاهم الله تعالى فكان عاقبتهم الهلاك والضياع.
---------------------------------------------------------------------------------------------


سورة   الجاثية

هدف السورة:  خطورة التكبّر في الأرض
سورة الجاثية: تركّز السورة على خطورة التكبر في الأرض لأنها ستضيّع الرسالة مصداقاً لحديث الرسول  (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) فالتكبر محظور وخطر (يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) آية 8 و 9. وسميّت السورة هذا الإسم للأهوال التي يلقاها الناس يوم الحساب حيث تجثو الخلائق على الركب من الفزع في انتظار الحساب.
--------------------------------------------------------------------------------------------


سورة   الأحقاف

هدف السورة:  الإستجابة توفيق وهداية من الله لمن أراد أن يسمع
سورة الأحقاف: تأني هذه السورة لتوضح أنه بعد أن عرض القرآن كل ما سبق من منهج وتوجيهات من المؤكد أنه سيكون هناك من سيسمع ومن سيرفض هذا المنهج وفي السورة تناقضات عجيبة فقد ضرب الله تعالى مثل من استمع للقرآن وهم الجنّ وكيف تفاعلوا معه (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ  * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) آية 29 إلى 32 وضرب لنا مثلاً آخر لأب يدعو ابنه ليطيعه والإبن يرفض (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) آية 17 وكذلك قصة أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) آية 21.
وخلاصة القول أن الإستجابة لأموامر الله ولمنهجه هو أمر من الله وتوفيق وهداية منه سبحانه لمن أراد أن يسمع.
وسميّت السورة بهذا الإسم لأن الأحقاف من أرض اليمن هي مساكن عاد الذين أهلكهم الله تعالى بطغيانهم وجبروتهم









تعريف القرآن الكريم